الجمعة، 7 سبتمبر 2018

‎دراسة حول كتاب / طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب. نقد وتوضيح ..وما سببه النُساخ وغيرهم من التلاعب بهذا الكتاب حتى أصبح مزاراً للمتلاعبين والجهلة.

دراسة حول كتاب / طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب. نقد وتوضيح ..وما سببه النُساخ وغيرهم من التلاعب بهذا الكتاب حتى أصبح مزاراً للمتلاعبين والجهلة.


(4)
كتب شيخ الجزيرة وعالمها في التاريخ : حمد الجاسر رحمه الله تعالى عن طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب في مجلة المجمع العلمي العربي العدد الثاني واحد ابريل عام 1951 للميلاد . فقال : قد نقل مؤلف كتاب / طرفة الأصحاب غالب كتاب ( الباب ) – قال الاشعري في مقدمة هذا الكتاب ” هذا مختصر في علم النسب ، وقبائل العرب ، جعلته ذريعة إلى الاختصار، وسبباً في الاقتصار ، وسميته كتاب الباب ، إلى معرفة الأنساب – بل لا يكون من المغالاة القول بأن جل ما في الطرفة  من أنساب العرب القدماء منقول من ذلك الكتاب ، ولم يشر المؤلف – في كثير من المواضع التي نقلها – إلى ذلك” .
ويكمل الشيخ الجاسر في توضيح الأخطاء والأقوال في نسب كثير من قبائل العرب نختصر قوله في نسبين أو ثلاثة التي تهمنا في هذه المقالة .
فيقول: وفي ص: 62 أيضاً ” نسب ربيعة بن مضر بن عدنان : وهو ربيعة بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ” وربيعة ليس ابناً لمضر بل هو أخ له . وفي ص: 63  ” وبنو عدي وبنو جنب وهم غير جنب مذحج ” وأقول : بنو تغلب لم يذكر النسابون فيهم قبيلة ” جنب ” وإنما ذكروا ” بنو حُبيب ” ، والظاهر أن هذه الكلمة تصحفت على المصنف بكلمة جنب . وقد عد المصنف في ص: 16 بطون تغلب فذكر فيهم بني حبيب ، ولم يذكر جنباً .
ويكمل الشيخ الجاسر فيقول : وقع في اثناء الكتاب تطبيع ( أغلاط  مطبعية ) في كلمات معدودة منها الهمذاني ص: 23 المقدمة وهي الهمداني نسبة إلى همدان القبيلة بالدال المهملة ، لا إلى بلد همذان بالذال المعجمة . و ( عُبيدة ) في ص: 9 وفي صفحات غيرها وردت مضمومة العين ، والصواب ( عَبيِدة ) بفتحها ، وإليها ينتمي جذم ُ عظيم من قحطان في هذا العهد .
ويقول  الأستاذ : فيصل بن علي الطميحي حين حديثه عن طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب عبر جريدة الجزيرة في عددها : 10885 ليوم الخميس 8 / جماد الأولى / عام 1423 للهجرة .
أننا وجدنا فيه – طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب –  خلطاً كبيراً في كثير من المعلومات التي لا يستقيم نسبتها بأي حال من الأحوال، إلى الملك الأشرف عمر بن يوسف بن علي بن رسول، الذي أشارت المصادر إليه بأنه هو مؤلف الكتاب.. وقد تيقنا من ذلك أثناء مضينا قدما في قراءة الكتاب، وأن هناك مؤلفاً آخر مجهول الهوية قد أضاف على الكتاب معلومات عدة لا تتفق مع عصر الملك الأشرف بتاتاً بل لاحقة لعصره. في الحقيقة هو ليس مؤلفاً واحداً، بل ما وجدناه من خلال معلومات الكتاب بين لنا أن للطرفة مؤلفين اثنين، الأول هو الملك الأشرف عمر بن يوسف بن عمر بن رسول ثالث ملوك دولة بني رسول في اليمن، تولى الحكم في حياة أبيه الملك المظفر بعد أن أوصى له بالملك في عام 694هـ وظل قائماً بالأمر حتى وفاته في عام 696هـ. عرف عنه أنه اشتهر ببعض التأليفات في الأنساب وإجادته لبعض العلوم كالطب والفلك والتأليف فيهما «المقدمة صفحة 36». أما المؤلف الثاني، فنحن لا نعرف عنه شيئاً، فهو مجهول الهوية لكن أثره يظهر بكل وضوح في كتاب الطرفة من خلال المعلومات التي أضافها، وسنبين مواقعها، وقد يكون هذا الشخص معاصراً للملك الأشرف لكنه بالتأكيد كما سنرى، قد ظل حياً بعد وفاة الملك الأشرف بسنوات عدة.
الأخطاء والاضطرابات:

وبطون حمير التي دخلت في الهان معروفة الآن ذكرهم الملك الأشرف بهذا كتابه. كانت هذه العبارة رغم ركاكتها، هي أول ما أثار اهتمامنا أثناء اطلاعنا على الكتاب لأول مرة، فاستخدام ضمير الغائب في الفعل الماضي «ذكرهم» وكذلك في كلمة «كتابه» لا يصح صياغته على ذلك النحو، إذا ما أردنا أن نقول: إن كتاب الطرفة من تصنيف الملك الأشرف، فالسياق لا يستقيم، والأحرى أن تصاغ مفردات العبارة من كلمات وأفعال وضمائر بشكل يتواءم مع السياق، كأن يقول مثلاً نذكرهم في كتابنا هذا، ونحو ذلك من عبارات.

لقد ضربنا صفحاً عن هذه العبارة في بداية الأمر، وقلنا لعلها من أغلاط الناسخ. غير أن ما وجدناه أثناء مضينا قدما في قراءة كتاب الطرفة من عبارات أخرى، ومعلومات لا تتوافق مع عصر الملك الأشرف، جعلنا نتيقن حقيقة أن شخصاً مجهول الهوية قد أعاد نسخ الكتاب وأضاف إليه معلومات جديدة كلية وعبارات غير السابقة.

الشخص المجهول الهوية قد أضاف معلومات متقدمة عن تاريخ وفاة الملك الأشرف.

يورد المصنف في الصفحة الثامنة والعشرين «ومنهم ولده مولانا وسيدنا ممهد الدنيا والدين الملك الأشرف أبو الفتح عمر بن يوسف بن عمر أفضل ملوك اليمن وأفضل ملوك الدهر وأشرف أبناء العصر» يتضح لنا جلياً أن لغة الخطاب في هذه العبارة لا تستقيم أيضا نسبتها للملك الأشرف ولا يمكن أن تكون صادرة منه، سواءً باستخدام ضمير الغائب، أو باستخدام المدح المبالغ فيه جداً، الذي لا يمكن في اعتقادنا أن يصدر عن الملك الأشرف، علاوة على أنه من المستبعد أيضاً أن يقول عن نفسه مولانا وسيدنا، هذه العبارة أكدت بدورها الشك الذي أثارته العبارة التي سبقتها، وكلاهما يشيران بوضوح إلى أن هناك شخصاً مجهول الهوية قد أعاد صياغة كتاب الطرفة من خلال استعماله ذلك الأسلوب في الكتابة، الذي لا يدل على الملك الأشرف بل يدل عليه هو.

ويذكر المصنف في الصفحة الثامنة والثمانين «وولي بعده يعني الخليفة العباسي المنتصر بالله ولده الإمام أبو محمد عبدالله المستعصم بالله.. وهو الذي خرج عليه التتر وقتلوه وأخذوا بغداد، وذلك في سنة ست وخمسين وستمائة». يفهم من هذه العبارة أن تاريخ تأليف كتاب الطرفة قد جرى بعد وفاة الإمام المستعصم بالله، أي بعد سنة 656هجرية. ويلي تلك العبارة مباشرة وفي نفس الصفحة عبارة «ولم يبق ممن عهد إليه بالنيابة سوى مولانا ومالكتا السلطان الأعظم الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر بن علي بن رسول خلد الله ملكه سلطان اليمن وهو ملك عصرنا و سيد ملوك بني رسول». هذه العبارة تؤكد السابقة، بل ويؤكدان معاً أن كتاب الطرفة كتب بعد وفاة الإمام المستعصم بالله وأثناء سلطنة الملك المظفر، وقد كنا حقيقة كغيرنا نعتقد ذلك، غير أن ما تكشف لنا من إضافات الشخص المجهول إلى كتاب الطرفه نقض اعتقادنا ذلك، فتلك الإضافات هي إضافات لاحقه عن عصري الملك المظفر يوسف والملك الأشرف مما جعل بعض معلومات كتاب الطرفة، قابلة للنقد والنقض على السواء.

قد نستطيع تأكيد بعض المعلومات الواردة في هذا الكتاب عن بعض الشخصيات من خلال مقابلتها بمعلومات وردت عنهم في غير هذا الكتاب، أما الشخصيات التي لم يرد لها ذكر إلا في كتاب الطرفة فيصعب تحديد فترتها التاريخية لتعذر وجود أي معلومات في أي كتب مصدرية أخرى معاصرة. وبالتالي فإننا نبالغ جداً حينما نجعل بعض شخصيات كتاب الطرفة معاصرة للملك الأشرف باعتباره مؤلف الكتاب، وخاصة تلك الشخصيات يسبقها عبارات يفهم معاصرتها للملك الأشرف، كعبارة «صاحب جازان» وعبارة« وهو اليوم صاحب جازان» «كتاب الطرفة صفحات 108، 109».
لقد تولى الملك الأشرف كما ذكرنا، أمور السلطنة في عام 694هـ، وتوفي في عام 696هـ وأنه كما ذكر المقدم، ألف كتابه في حياة أبيه، وقبل توليه السلطنة، وهو الأمر الذي يفهم أيضاً من العبارة السابقة المتعلقة بمقتل الخليفة المستعصم وتلك المتعلقة بنيابة الملك المظفر.
بينما المؤلف المجهول الهوية قد زاد على كتاب الطرفة معلومات متقدمة التاريخ ولاحقة لعصر الملك الأشرف عمر، وتحديداً بعد عام 721هـ، علاوة على الاضطرابات الحاصلة في كتاب الطرفة التي ذكرناها ووقوع المؤلف المجهول الهوية في أخطاء ضمنها كتاب الطرفة لا يصح أن يقع فيها الملك الأشرف، كالغلط في تسمية عمه حينما ذكره باسم الملك شرف الدين محمد بن علي «طرفة الأصحاب صفحة 90»، بينما ورد ذكره باسم موسى بن علي في كتاب العقود اللؤلئية في تاريخ الدولة الرسولية «العقود/1، صفحة 28» وكذلك في كتاب قرة العيون «صفحة 300»، وهو ما نعتقد صحته وذلك لاستمرار ورود الأغلاط في كتاب الطرفة، فبالإضافة إلى الغلط في اسم الأمير موسى بن علي فهاهو المصنف يعاود الكرة مرة أخرى ليغلط في تعداد نفوس أخوة الملك الأشرف وأبناء الملك المظفر، حينما ذكر أنهم ثلاثة عشر رجلاً «كتاب الطرفة صفحة 91» بينما أوردهم مؤلف العقود اللؤلئية سبعة عشر رجلاً «العقود/1، صفحة 279» وهو نفس العدد الذي أورد ذكره صاحب قرة العيون «صفحة 334» ، هذه الأغلاط والاضطرابات التي سنوردها بعد قليل جعلتنا نتيقن بمدى التشويه الذي أحدثه الشخص المجهول الهوية في كتاب الطرفة.
وكما نرى فهذه أحداث لاحقة لعصر الملك الأشرف عمر ولا يمكن له ذكرها لاستحالة ذلك، ما لم يكن هناك من أعاد صياغة كتاب الطرفة، وهو بالطبع الشخص المجهول الهوية التي لم يكتف بذلك بل أضاف للكتاب معلومات أضاعت بدورها كتاب الطرفة، وتبين مدى الضرر الذي لحق بالكتاب .  انتهى كلام الأستاذ : فيصل ..
وأقول فيما يخص النسب الوارد لأحد فروع قبيلة عبيدة : آل منيف بن جابر والذين يعرفون بالضياغم في هذا الزمن وهم عبيدة ابراد : حين أورد ابن رسول في كتابه طرفة الصحاب ، والذي وضح الشيخ : حمد الجاسر رحمه الله والأستاذ : فيصل بن علي الطميحي  الاضطراب  والاختلاف وتأكيدهم أن هنا من تدخل في النسخة الأصل والذي هي بلا شك للسلطان / عمر بن رسول الغساني .
وقبل أن  أعرض ما وجد من اضطراب وخلل في نسب قبيلة آل منيف بن جابر بن عبد الرب أحد الفروع لقبيلة عبيدة جنب بن سعد العشيرة .. لابد من عرض اشارات عن كلمة ” قيل ” والتي أدخلت نسب القبيلة عبيدة في اشكالية الادعاء من قبل الكثير أنهم من روح بن مدرك .
فأقول وبالله التوفيق : من أجل وضوح الشيء وتبيينه لا بد أن يقوم على قاعدة صلبة من علم اللغة العربية ،فالمنهج الأكمل للخروج من مأزق الضبابية حول الأسماء والمسميات يقوم على واضحات الأقوال ،ولا يبنى على أقوال التضعيف والشك.وفي هذه الاطلالة التعريفية التي نسرُد فيها مصطلح التضعيف والشك عند المحدثين وأهل اللغة ،ومن ثم نعرض عليها بعض الأقوال والأمثلة في علم النسب والتي مدارها (يقال) وهذه الكلمة يبني عليها كثير من المتأخرين  وممن لا حظ له في فهم معانيها أنساب كثير من القبائل والأسر ، دون بينة وبرهان إلا كلمة – قيل أو يقال – فما معاني هذه الكلمة عند علماء الحديث واللغة؟ وما مدلولاتها؟ وما هي الكلمات المرادفة لها ؟
عبارات التضعيف من العبارات المستعملة عند المحدثين للحكم على الحديث ؛ فالضعيف في اللغة هو ضد القوة ، والضعف حسي ومعنوي ومراده هنا المعنوي , وفي علم الاصطلاح هو : ما لم  يجمع صفة الحسن لفقد شروطه . والضعيف هو ما وهم – أخطأ – في روايته . فهو الذي يُحتمل من خلاله الصواب و الخطأ ، فهو مغاير لما هو ظاهر . وفي علم الحديث كما يقول السيوطي : ما له لقب خاص كالموضوع والشاذ وغيرهما ،كالمقلوب والمعلل والمضطرب والمرسل والمنقطع والمعضل والمنكر (تدريب الراوي ج1 ص : 93 . وفتح المغيث : ج1 ص : 113 .  ).
وكذلك من مصطلح التضعيف : ما يسميه علماء الحديث الشاذ وهو أخص من التفرد وهو الذي يثير في نفس الناقد ريبة . يقول الإمام الخليلي :… والذي عليه حفاظ الحديث : الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد ، يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة ، فما كان من غير ثقة فمتروك لا يقبل ، وما كان عن ثقة فيتوقف فيه ولا يحتج به (الإرشاد : ص 13 . وفي الكامل كما ذكره ابن عدي . ج1 ص : 124 . ينظر لكتاب منهج الإمام أحمد بن حنبل في التعليل / تأليف : د : أبو بكر ابن الطيب كافي . ص : 344 ). ويقول الحافظ بن رجب رحمه الله : وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث: إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه ، إنه لا يتابع عليه . ويجعلون ذلك عّلة فيه(شرح العلل لابن رجب ص : 208 . ينظر لكتاب منهج الإمام أحمد بن حنبل في التعليل / تأليف : د : أبو بكر ابن الطيب كافي . ص : 344 )  وحين يكون في الكلام جُمل لا تشبه الكلام السابق للمنسوب إليه ، أي بمعنى أن تكون هناك كلمات تناقض كلاماً سابقاً ، ويلاحظ ذاك الاضطراب فيها ، يعلم أن هناك خفايا لا نعلمها ولم يقلها صاحب المتن أو أنه نقلها على غير وضوح ونسبها للمجهول – يقال – . فمن تفرد بذكر نسب وشذّ عن السابقين له ، وجاء بأمرِ جديد وتفرد به فإنه لا يؤخذ منه إذا وجد ما ينقضه أو يضعفه .
وفي صحيح البخاري / كتاب الأداب : باب مَا جَاءَ فِي زَعَمُوا  : وهو يشير إلى حديث أبي قلابة قال: قيل لأبي مسعود‏:‏ ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في زعموا‏؟‏ قال‏:‏ بئس مطية الرجل (أخرجه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات، إلا أن فيه انقطاعا‏ )
وكأن البخاري أشار إلى ضعف هذا الحديث بإخراجه حديث أم هانئ وفيه قولها: ‏(زعم ابن أمي)‏ فإن أم هانئ أطلقت ذلك في حق علي ولم ينكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل في زعم أنها تقال في الأمر الذي لا يوقف على حقيقته‏.‏
وقال ابن بطال‏:‏ معنى حديث أبي مسعود أن مَن أكثر مِن الحديث بما لا يتحقق صحته لم يؤمن عليه الكذب‏.‏
وقال غيره‏:‏ كثر استعمال الزعم بمعنى القول، وقد وقع في حديث ضمام بن ثعلبة الماضي في كتاب العلم ‏( زعم رسولك ) وقد أكثر سيبويه في كتابه من قوله في أشياء يرتضيها ‏( زعم الخليل‏).‏
وفي كثير من كتب الأنساب نجد هذه المقولات في التضعيف والارتياب كثيرة ففي كتاب: طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب/ للسلطان الأشرف: عمر بن يوسف بن رسول عند حديثه عن نسب آل منيف وهم الضياغم من عبيدة جنب نجده بعد أن عرض نسبهم صريحاً إلى جنب قال :ويقال: إنهم من نزار بن عنز بن وائل ؛ وساق النسب إلى عدنان . وأنهم دخلوا في نسب جنب . وذكر نسبهم إلى روح بن مدرك ثم  توقف في نسبهم إلى عبد الحميد بن مدرك ، وبعدها أورد – ويقال: إنهم من نزار – . ثم يأتي بعد ابن رسول بقرون ذوات عدد شيخ وعالم نسب وهو حمد الجاسر فيقول في نسب الضياغم سالفي الذكر بعد أن أورد نسبهم إلى عبد الحميد بن مدرك نقلاً عن ابن رسول في طرفته ما يلي:ويقال إنهم من بكيل إلا أنهم حالفوا عنس من مذحج ، فسموا جنب . وقيل : إنهم من نزار من عنز بن وائل ، دخلوا في نسب جنب(جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد / حمد الجاسر. ج2 ص : 460 )
وقد نقل أبو عبد الرحمن  ابن عقيل في كتابه (آل الجرباء / ابن عقيل الظاهري. ص: 56 ). وذكر في الهامش: عن الشيخ :حمد الجاسر. أنه ينسب هذا القول إلى نسخة مخطوطة سنة 1029 هـ. لكتاب: طرفة الأنساب لعمر بن  رسول ،ونقل هذا القول كذلك عن حمد الجاسر – رحمه الله – كتاب : القشعم .ص 100،وفيه: نسب آل منيف وهم آل ضيغم وآل راشد من جنب ، ويقال: إنهم من بكيل ،إلا أنهم حالفوا عنس من مذحج  فسموا جنبا، وإخوتهم من أمهم :آل عائذ  وآل راشد – ربما يقصد بنو شداد – ، وبنو قيس ، وآل السفر( آل الصقر ) ، وآل الصلت. وكذلك  ما أورده الشيخ : حمد الجاسر رحمه الله  في مجلة العرب  ص 249. قال  ابن رسول : نسب آل منيف هم آل ضيغم وآل راشد من جنب ، وقيل : إنهم من بكيل إلا أنهم حالفوا عنس من عنس مذحج فسموا جنب ،وإخوتهم من أمهم :….. وآل راشد .
ولورود هذه الكلمة – قيل – ولأنها تُستخدم دون بينة وإثبات في أنساب كثير من القبائل نجدها هنا حين جاءت فهي تلحق الضياغم مرة بـ (عنز بن وائل)  ومرة بـ ( بكيل همدان عن طريق عنس بن مذحج )،وتدخل مرة  آل راشد في آل روح ، وأخرى في معاوية الجنبي. وهذه الإشكالية نظن أن معها تسقط هذه الأقوال المبنية على اشارات التضعيف والتشكيك .
وصيغ التضعيف هذه نجدها حتى في نسبة وجود كتاب هنا أو هناك ، وأن سبب فقد ذاك الكتاب أو إخفائه ،هو الخوف مما فيه من حديث عن قبائل ومثالبها الشيء الكثير.هذا حسب الزعم المبني على كلمة – يقال – أو – روي – ففي كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة لمؤلفه الوزير جمال الدين القفطي ؛ المتوفى سنة 624هـ . عند حديثه عن الهمداني وكتابه الإكليل ، نجده بعد أن سار بحديث شائق عن الهمداني بعد ذكر كتاب الإكليل وذكر أجزائه تلك قال :وقيل إن هذا الكتاب يتعذر وجوده تاماً ، لأن المثالب المذكورة فيه في بعض قبائل اليمن ، وإعدام أهل كل قبيلة ما وجدوه من الكتاب ، وتتبعوا إعدام النسخ منه ، فحصل نقصه لهذا السبب . ثم قال : وكتابه أي الهمداني في أيام العرب كتاب جميل (إنباه الرواة على أنباه النحاة / الوزير جمال الدين القفطي . ج1 ص : 318 .  )انتهى .
اذاً مما سبق فأننا نصل إلى حقيقة مفادها :

أن كتاب طرفة الأصحاب للسلطان الرسولي فيما يخص الأنساب القديمة أنه كان يعتمد على كتاب / الباب للأشعري . بل أنه نقله حرفياً كما يقول الشيخ حمد الجاسر . ولم نجد أحداً سبق صاحب طرفة الأصحاب أورد أن بنت مهلهل تزوجت بعد معاوية الخير الجنبي أحد . وهذا القول الذي أورده الكاتب الأخر غير ابن رسول في كتاب الطرفة والتي تدل الشواهد عليه ، والتي أوردتها في أول المقالة نقلاً عن الشيخ حمد الجاسر والأستاذ : فيصل . هذا القول لم يسبقه أحداً في نسب قبيلة عبيدة ، ولم يقبل به أحداً ممن عاش في تلك الحقبة التي ظهر فيها كتاب / طرفة الأصحاب .

الشواهد على أن هناك من زاد فيه وأنقص وعدل وبدل ، أننا نجد في النسخة التي بين ايدينا ، حين الحديث عن عبيدة نجدها بحرف العين المضمومة وهي تخالف ما يوجد عند الهمداني وسيرة الأميرين الجليلين وسيرة أحد بن سليمان وكتاب التعريف بالأنساب للأشعري القرتبي ( القرطبي) .والسيرة المنصورية والسمط الغالي الثمن ، وملتقط الرحلة بين المغرب وحضرموت وروضة الألباب وغيرها فجميعها بفتح لا بضم العين ، وكذلك المتعارف عليه فهي تُعرف بعبيدة بفتح العين ، ولا تُنطق بضم العين . وكذلك  فأن مما يدل على أن هناك من زاد في الكتاب وأنقص أن كلام ابن رسول عن عبيدة أنه سار على أثر من سبقه في نسب عبيدة جنب في مذحج وعدّ منهم أصحاب الجوف ، ولكن حين الحديث عن آل منيف بن جابر كان في أوله تأكيداً على أنهم من جنب ، ثم بداء الاضطراب بعد التوقف عند نسب روح بن مدرك مع أنه أخذ نسبهم من ضيغم بن منيف ، فهل يعقل أن يكون ضيغم بن منيف لا يعرف الى  أي قبائل العرب يرجع نسبه .. ثم تأتي كلمة التضعيف والتشكيك والتي لا يؤخذ بها في النسب : وقيل أنهم من نزار بن عنز بن وائل ، فلم نجد أن من ولد عنز من يعرف بنزار ؟؟؟ ثم اكتمل القول المضطرب المصنوع والذي نفاه علم الجينات ( DNA ) .

كما قلنا لم يذكر أحداً من علماء النسب السابقين ومن جاء بعد ابن رسول أو في زمنه ممن استقل عن قوله ولم يتابعه ، لم يقل أحداً بقول ابن رسول في زواج بنت مهلهل من غير معاوية الخير الجنبي ، فهاهوا ابن فضل العمري يورد في كتابه: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ( ج4 .. ص: 260 ، 261 )  فقط  نسب  معاوية الخير الجنبي فيقول : وجنب ومنهم معاوية الخير الجنبي صاحب لواء مذحج في حرب بني وائل وكان مع تغلب.

بالعودة إلى كتاب / طرفة الأصحاب حين أورد نسب عبيدة في أول الكتاب فأنه يقول: وبنو عبيدة ، وعبيدة اسم امرأة وهي عبيدة بنت مهلهل التغلبي تزوجت في جنب فنُسب ولدها إليها . منهم أصحاب الجوف ، ومنهم شهوان.( ص: 65 ). وفي الجزء الخاص بنسب آل منيف نلاحظ الأضطراب حين أورد نسب روح بن مدرك فقال: روح بن مدرك بن عبد الحميد بن مدرك ، واسم عبد الحميد أسمٌ لم يكن في أسماء عرب الجاهلية بل هو أسم اسلامي . والذي يزيد في التأكيد أن هناك بتر في نسب آل منيف ، فأن الذي أورد نسب آل منيف هو : ضيغم بن منيف ، وببعض التمعن في زمن ضيغم بن منيف بن جابر أنه كان شيخ جنب في زمن الإمام الزيدي : أحمد بن سليمان ، أخذ شيخة جنب بعد أبيه الذي توفي سنة ( 549) للهجرة …ثم نجد في زمن الإمام الزيدي : عبد الله بن حمزة في سنة ( 600) للهجرة كانت شيخة جنب عند : راشد بن منيف بن جابر ، وابن أخيه منيف بن ضيغم بن منيف بن جابر .. فيكون الذي قراء نسب آل منيف على السلطان الرسولي : عمر بن رسول الذي توفي سنة : ( 696) للهجرة هو : ضيغم بن منيف بن ضيغم بن منيف بن جابر .ومما تعرفة قبائل العرب أن الأسماء المؤكدة التي يحفظها العربي هي الأسماء العشرة التي تزيد ربما اسم أو اسمين ثم يعطي إلى النسب الجامع في قبائل العرب. لذلك فنسب ضيغم هذا هو : ضيغم بن منيف بن ضيغم بن منيف بن جابر بن عبد الرب بن ربيع بن سليمان بن عبد الرحمن بن روح بن مدرك بن عبد الحميد بن مدرك … ثم لابد أن يعرف الجذم الذي يعود إليه نسب أجداده … لكن هنا في كتاب الطرفة دخلت كلمة : قيل ، التي لا مكان لها في أثبات الأنساب ، لأنها تضعيفيه وتتبع صيغة الشك والارتياب .

إن كتاب :طرفة الأصحاب هو البوابة المشؤمة التي بسببها ظهرت الأقوال في الانتساب للفرع الضيغمي: آل منيف بن جابر…. حتى وصل الحال في هذا الزمان أن ظهر من يكتب في الادعاء أن بنت مهلهل قد تزوجت : ثلاثة : أولهم معاوية الخير ثم روح بن مدرك ثم رجل من الأشراف من ولده الضياغم ( سوف يكون لنا حديث مطول حول ما أورده جهلة التاريخ الذين تلاعبوا بالمصادر على أوتار تشابه الأسماء والرغبة الجامحة في نيل أكبر قسط من الحسب والنسب دون مراعاة للحقائق الواضحة والمصادر الصحيحة ) لقد ظهرت كتب أقل ما يقال فيها أنها : قصص ألف ليلة وليلة أو كليلة ودمة أو حتى روايات الأبنودي أو قصص المسلسلات المصرية زمن السبعينات ، بل إنك يمكن أن تستسيغ قراءة قصة مسلسل أو فلم هندي أكثر من قصص الانتساب للضياغم في بعض الكتب … فأحدهم يقول : إن بلاد فارس سُميت على أسم فارس بن شهوان ، وأن سبب هجرة الضياغم كان بسبب سيل العرم الذي جاء ذكره في القرآن … وحين ترفض هذه الترهات والهرطقات يصفك أولئك بأنك لا علم لديك في التاريخ.



كتبه : أحمد الصقري العبيدي
17 / 12/  1439 للهجرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق